وحدة التربية التعبدية :
دعامة من الحديث النبوي الشريف : المؤمن القوي
1) النصوص:
نص الحــد يث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ - حديث صحيح رواه مسلم
2) الشروح:
المؤمن القوي : القوي إيمانا، بدنا، عزيمة، ونفسا .
القوي : المتمكن من فعل ما به كلفة ومشقة .
احرص على ما ينفعك : تمسك وتشبث بكل ما ينفعك .
استعن بالله : اطلب الإعانة من الله على ذلك .
لا تعجز : لا تفرط ولا تقصر في العمل بل اعتمد على الله مع اتخاذ الأسباب .
3) تحديد معاني الحـد يث :
ـ بيانه صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن المؤمن القوي والمؤمــــــن الضعيف في دائرة واحـــــدة وهي الإيمان ،لكن يختلفان في الطاعات فالمؤمن القوي ( سواء قوي البدن أو المال أو العزيمة ... ) يتقرب إلى الله بأعمال مختلفة ومداومة .
ـ توجيهــه صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسلمين خمــــس وصــايا يجب العمـل بها وهي :
1 ـ الحــرص على المنفعة :
أي الحرص على الأعمال التي فيها منفعة سواء كانت دينية (كالصلاة ، والزكاة ...) أو دنـيوية (كعدم إ تلاف أو إهمال المنافع سواء كانت خاصة أو عامة)
2 ـ الاستعانة بالله :
أوصانا صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند القـيام بأي عمل أو حركة أو فعل نافع يجب علينا الاستعانة بالله عز وجل لقوله تعالى : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ولا نستعين بغيره عز وجل كالتوكل على الغير
3 ـ عـدم الاستسلام / عـدم البخل /عـدم العجز (الحث على الإجتهاد ) :
أوصانا صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعدم البخل وبعدم الكسل ، فهو ه يحثنا على الإجتهاد في جميع أمور حياتنا
4 ـ الأخذ بالأسباب مع الاعتماد على الله :
يأمرنا صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأخذ بالأسباب مع التوكل على الله عز وجل ، أي أن نجعل الله عـــــــونا لنا ومراقـبا لنا في كـل وقـت وحين ، وفي كل زمان ومكان و في الرخاء وفي الشدة .
5 - وجـوب الإيمـــان بالقــــدر خيــــــره وشره :
أوصانا ه بوجوب الإيمان بالقـدر أي بما قدره الله علينا سواء كان خيرا أو شـرّا .
4) التعرف على الأعلام :
من هو أبو هريرة راوي الحديث؟
اسمه عبد الرحمان بن صخر الدوسي ، كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة يوم شاهده يحمل هرة صغيرة، يعد من كبار الصحابة رضوان الله عليهم. كان حريصا على ملازمته للرسول صلى الله عليه وسلم وبذلك صار من المكثرين لرواية الحديث، دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بثبات الحفظ، فكان لا يسمع حديثا إلا ترسخ في ذاكرته. دخل الإسلام في السنة السابعة للهجرة عام خيبر، وتوفي سنة 57 بالمدينة ودفن بالبقيع.
من هوالإمام مسلم؟
هو أبو الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري، ولد سنة 206 ه بنيسابور، رحل من أجل طلب العلم وهو صغير إلى عدة بلدان- الحجاز، الشام، مصر-.درس على يد شيخه البخاري ، له عدة مؤلفات: صحيح مسلم- العلل- أوهام المحدثين- طبقات التابعين، ويصنف كتابه – صحيح مسلم- في الدرجة الثانية بعد صحيح البخاري، ويشتمل على أربعة آلاف حديث،توفي بنيسابور سنة261 ه
المصدر :
http://www.lebastion.ma
http://kifawat.canalblog.com
dorous.ek.la
شرح الحديث: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان)).
(1) قوله (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف). المراد: القوة في طاعة الله عز وجل، والرغبة في تحصيلها والعمل على ذلك ودعوة الغير إليها، والعناية في ذلك، فإن وجدت القوة البدنية التي يتمكن المؤمن بها من تحقيق هذه المطالب العالية واستعملت في ذلك، كانت القوة أتم ونتائجها أكمل وأجل.
(2) قوله (وفي كل خير). أي في كل من المؤمن القوي والضعيف خير، وذلك لاتصافهما معاً بالإيمان مع ما يكون عند الضعيف من العمل أيضاً، وهذه الجملة ذكرت بعد الجملة قبلها احتراساً عند المفاضلة لئلا يستهان بالمفضول، ونظير ذلك قوله تعالى عن النبيين الكريمين داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ*َفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) ثم قال: (وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً). وكلمة (خير) تأتي أفعل تفضيل حذفت منه الهمزة، وتأتي اسماً في مقابل (الشر)، وقد جاء ذكرهما معاً في هذا الحديث. فهي في قوله: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)) أفعل تفضيل، وفي قوله: ((وفي كل خير)) اسم في مقابل الشر.
(3) قوله (احرص على ما ينفعك). عمم فيما يحرص عليه ليكون شاملاً لكل نافع في الدنيا والآخرة، والحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع، فيحرص المؤمن على كل ما فيه سعادته في العاجل والآجل.
(4) قوله (واستعن بالله). بعد أن أمر المؤمن بالأخذ بالأسباب فيما ينفعه، أرشده الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن يكون مستعيناً بالله معتمداً عليه، فإن كل خير إنما هو بتوفيقه وتسديده ومعونته، فالأسباب لا تنفع إن لم يجعلها نافعة، لأنه سبحانه خالق الأسباب والمسببات، فالمؤمن مأمور بأن يأخذ بالسبب المشروع دون تعويل عليه، وإنما يعول على مسبب الأسباب الذي بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
(5) قوله (ولا تعجز). وبعد أن أمر المؤمن بالحرص على ما ينفع والاستعانة بالله في تحصيله، نهى عن ضد ذلك وهو العجز والكسل الذي تضعف معه الهمم وتهن العزائم، والذي ينتج منه الفشل والعاقبة الوخيمة.
(6) قوله (وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان). أي إذا فعلت ما أمكن من الأسباب وحصل مع ذلك فوات مطلوبك، فارض بقضاء الله وقدره، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا تضف ذلك إلى أسباب فتقول: لو أني فعلت كان كذا وكذا، فإن الأسباب لا تنفع إن لم يجعلها مسبب الأسباب نافعة، إنما عليك أن تقول: قدر الله وما شاء فعل، فترضى وتسلم.
(7) هذا الحديث فيه النهي عن استعمال (لو) وقد جاء استعمالها في أحاديث ولا تنافي بينها، لأن النهي محمول على التحسر من شيء فائت، واستعمالها في تمني الخير وإخبار عن شيء مستقبل.
(8) هذا الحديث يشتمل على فوائد عظيمة منتظمة، وهو من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه عليه، فإنه أوّلاً ذكر المفاضلة بين المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، وبين أن القوي خير وأحب إلى الله من الضعيف، وفي ذلك حث على الأخذ بأسباب القوة والاستزادة من الخير، ثم ذكر أن كلا منهما لديه الخير، وفيه فضل مشترك بينهما وإن زاد القوي على الضعيف ما كان به خيراً وأحب إلى الله منه. ثم أكد ذلك بالأمر بالحرص على ما ينفع في العاجل والآجل، وأرشد مع الأخذ بالأسباب إلى التعويل على مسبب الأسباب بقوله (واستعن بالله)، ثم حذّر مما ينافي الحرص على النافع والاستعانة بالله في تحصيله وهو العجز والكسل، ثم أرشد إلى ما يجب فعله عند فوات المطلوب بأن لا يفتح الإنسان على نفسه باباً للشيطان بأن يقول: لو أني فعلت كان كذا وكذا. وأرشد إلى ما فيه الخير والتسليم لقدر الله والعمل على ما يرضيه سبحانه بقوله: ((ولكن قل قدر الله وما شاء فعل)) فصلوات الله وسلامه على البشير النذير الذي أرشد إلى كل خير وحذّر من كل شر.
من فقه الحديث وما يستنبط منه:
(1) إثبات صفة المحبة لله تعالى.
(2) أن محبته تعالى تتفاضل، فهي للمؤمن القوي أعظم منها للمؤمن الضعيف.
(3) تفاضل الناس في الإيمان.
(4) أن الإيمان يزيد وينقص.
(5) أن الإيمان سبب لمحبة الله تعالى.
(6) الحث على تقوية العبد إيمانه.
(7) أنه عند المفاضلة بين الفاضل والمفضول ينوه بالفضل المشترك بينهما لئلا يتوهم القدح في المفضول لقوله صلى الله عليه وسلم ((وفي كل خير)).
(8) أمر المؤمن بالحرص على ما ينفعه في دنياه وأخراه بفعل أسبابه المشروعة النافعة.
(9) تقييد الذي يحرص عليه المؤمن بكونه نافعاً.
(10) أمر المؤمن بأن يستعين بالله في تحصيل مطلوبه.
(11) أخذ المؤمن بالأسباب المؤدية إلى حصول المطلوب بدون تعويل عليها.
(12) أن الاستعانة لا تكون إلا بالله وحده فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه وتعالى.
(13) افتقار العبد إلى توفيق الله ومعونته ولو بذل ما بذل من الأسباب.
(14) النهي عن العجز والكسل في الأمور النافعة.
(15) الإرشاد إلى أسباب تقوية الإيمان.
(16) وجوب الإيمان بالقضاء والقدر والرضا والتسليم لما قدره الله وقضاه.
(17) النهي عن استعمال (لو) تسخطاً ولوماً للقدر.
(18) إرشاد المؤمن عند فوات مطلوبه أن يقول: (قدر الله وما شاء فعل).
(19) أن استعمال (لو) مفتاح لعمل الشيطان.
(20) سد الذرائع التي تفضي إلى الشر وتوقع في المحذور.