﴿ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴿١٠﴾ سورة المنافقون
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ ، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ " .
2) توثيق سورة المنافقون:
السورة: سورة المنافقون.
نوعها : مدنية.
عدد آياتها: 111 آية.
ترتيبها في القرآن الكريم : 36 .
ترتيبها بين السور : جاءت بعد سورة الجمعة وقبل سورة التغابن .
3) الشروح :
لوْلا أخّرتني :هلاّ أمهلتني وأخّرت أجَلي
بعدل تمرة: اي بمقدار قيمتها
فلوه: هو المهر اول ما يولد يربيها:أي يزيدها
4) تفسير الاية 10 : وأنفقوا أيها المؤمنون بالله ورسوله بعض ما أعطيناكم في طرق الخير، مبادرين بذلك من قبل أن يجيء أحدكم الموت، ويرى دلائله وعلاماته، فيقول نادماً: ربِّ هلا أمهلتني، وأجَّلت موتي إلى وقت قصير، فأتصدق من مالي، وأكن من الصالحين الأتقياء.
5) شرح الحديث : هذا الحديث الشريف يصور الزيادة و التكبير للصدقة بان تصبح التمرة مثل الجبل , التمرة التي تزن درهما او دراهم معدودة تعظم حتى يصبح وزنها في ميزان الحسنات عند الله وزن الجبل,يربيها الله تعالى عنده لصاحبها كما يربي الرجل منا فطيم فرسه الذي يعتز به,يحميه من الافات و يحتضنه و يحيطه بالعناية و الرعاية حتى يصير فرسا كبيرا فيسابق فيسبق,و مثل هذا الحديث يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله حتى تكون مثل أحد .
6) مضامين النصوص:
الآية 10 من سورة المنافقون: أمره تعالى بالإنفاق في سبيل الله تطوعا وتقربا إليه لكسب رضاه، وتحسبا للندم قبل فوات الأوان.
الحديث : قبول الله الصدقات الطيبة وتنميتها في ميزان الحسنات.
7 ) مضامين الحديث الأساسية:
الصدقات التطوعية: هي الصدقات المستحبة والغير الواجبة تعطى للفقراء والمحتاجين طلبالمرضاة الله.
حكمها: مستحبة عند المقدرة عليها.
أنواعها:
معنوية: كإفشاء السلام، الابتسام في وجه الأخر.
مادية: وتشمل أعمال البر التي يقصد بها وجه الله تعالى.
عينية: من تصديق الطعام والملابس والأدوية...الخ.
فضلها: مضاعفة الأجر والثواب- تزكية المال- محو السيئات- ضمان التكافل الاجتماعي- تخفيض الفوارق الاجتماعية- تمتين الروابط الأخوية ونشر المحبة والرحمة والتعاون والتضامن- المساهمة في رفع اقتصاد البلاد وتقدمه.
شروطها: أن تكون من كسب حلال- أن يراد بها وجه الله تعالى- ألا يمن المتصدق على المصدق عليه بصدقته
فضل صدقة التطوع : بقلم رقية عامر شوكت
من أبرز صفات المجتمع المسلم أنه مجتمع التكافل والتراحم والتواصل والبر بذوي القربى، والتلاحم والترابط الأخوي والإنساني، فهو مجتمع يسوده العدل والإحسان والتكامل، وتشد أفراده وشائج الأخوة وتشابك المصالح ..
كما أن ديننا الإسلامي دين العدالة الاجتماعية ودين الرحمة، ووضع نظاما فريدا للعلاقات الإنسانية والروابط الأخوية، ومن أسسه الحكيمة أن جعل فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق هي الأسس التي يرتكز عليها بناء المجتمع.. كما أن الصدقات والإنفاق على المحتاجين وبذل المال مطلب إسلامي، والتقرب إلى الله تعالى بتفريج كربات الفقراء والمساكين والمحرومين واجب اخلاقي واجتماعي.
ومن أعظم الأعمال الصالحة وأجلها صدقة التطوع وهي صدقة اختيارية وهي خارجة عن نطاق الوجوب، وقد تضافرت الأدلة والنصوص القرآنية والنبوية في الحث على هذه الصدقة بأنواعها، مرغبة وداعية إلى الإنفاق ومحذرة من الشح والبخل ..
كما أن من المعروف أن صدقة التطوع مستحبة ، في كل وقت إجماعا ؛ لأن الله تعالى أمر بها ، وحث عليها، ورغب فيها فقال:{ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} ( البقرة : 245) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم " - : من تصدق بعدل تمرة من طيب ، ولا يصعد إليه إلا طيب ، فإن الله يقبلها بيمينه ، ثم يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل "
واتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنه يستحب أن تكون الصدقة بما هو فاضل عن كفايته وكفاية من يعوله ، وإن تصدق بما ينقص مؤنة من يعوله أثم لأن نفقتهم واجبة عليه ولا يجوز تقديم النفل على الفرض [1]
وأفضلها أن تكون سرا بطيب نفس وهي أفضل في شهر رمضان لحديث أنس مرفوعا : " أي الصدقة أفضل ؛ قال : صدقة رمضان "[2] ،وفي أوقات الحاجة لمضاعفة الحسنات ، وفيه إعانة على أداء الصوم المفروض ، وكذا عند الأمور المهمة ، وفي أوقات الكوارث ، والمرض ، والسفر ، وفي الغزو ، والحج ، والأوقات الفاضلة ، كعشر ذي الحجة ، وأيام العيد ، ففي كل هذه المواضع آكد من غيرها[3] والصدقة الأولى أن يبدأ بمن هو أشد حاجة من ذوي الأرحام ، كالإخوة والأخوات ، والأعمام والأخوال ، والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام" - : الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة " ويقدم الأقرب فالأقرب . ، ثم بذي الرحم غير المحرم ، كأولاد العم والخال ، ثم المحرم بالرضاع ، ثم بالمصاهرة ، ثم الموالى من أعلى وأسفل ، ثم الجار..
وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا قال : "من أطعم مؤمنا جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة ، ومن سقى مؤمنا على ظمأ ، سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة "
ويكره التصدق بالرديء بل ينبغي المبادرة إلى تقديم ما هو جيد في الصدقة فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أيُّ الصدَقة أعظم أجرًا؟ قال: "أن تتصدَّق وأنت صحيح شحيح تَخشى الفقر وتأمُل الغنى ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلتَ: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان" وذكر صحيح البدن شحيح النفس لأن البدن إذا كان صحيحا كان شحيحا بالمال لأنه يفكر في الدنيا وكيف يجمع المال وكيف يكون غنيا ولأن أمله بالبقاء كبير أما إذا كان مريضا فإن الدنيا ترخص في نظره فلا يفكر بالمال ويهون عليه كل شيء فتهون الصدقة عنده لأنه قد يفكر في الآخرة فيكون حريصا على كسب الحسنات من الصدقة قبل موته.
والصدقة لا تكون بالمال فقط قد تكون بالدعاء وقد تكون بابتسامة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تبسمك في وجهك أخيك صدقة " فكل معروف صدقة والمعروف هو ما يتعارف الناس على حسنه أو ما عرف الشرع بحسنه.
حتى إذا أنفق على أهله وكان يحتسبها خالصة لله تعالى كانت له به صدقة وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:" كل معروف صدقة "
ويبقى أن أشير هنا إلى أمر مهم ألا وهو أن من فوائد الصدقة وآثارها الحميدة التي يجنيها المتصدق المسلم، إذا أخلص النية لوجه الله سبحانه وتعالى أنها تكفر الذنوب والخطايا، فهي وسيلة مهمة لتطهير النفس وتهذيب الأخلاق، تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنها من أسباب بسط الرزق ونزول الأمطار والرحمات،وهي جالبة للصحة والعافية للمتصدق.ومن آثارها على المتصدق أنها تطفئ غضب الرب، كما أنها طريق الله الموصلة إلى رحمته، كما أن من ثمراتها أنها تهدم حصون الشياطين، وتكسر أنيابها، وتحطم قيودهم، وترد كيدهم، وتصد بغيهم..فهي من أعظم الأعمال الخيرية ثوابا عند الله وأكثرها نفعا للعباد، كما قال الله سبحانه وتعالى : { وماتقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا }(المزمل:20).